Terra Santa Tripoli

Bed and Breakfast, Sports Activity

​​٨٠٠ عاماً من الحضور الفرنسيسكاني في الشرق الاوسط

تأسس اقليم ما وراء البحار أو اقليم سوريا، حراسة الاراضي المقدسة لاحقاً، سنة 1217 خلال اول مجمع عام للرهبنة و الذي افتتح في أسيزي (ايطاليا) في كنيسة سيدة الملائكة خلال عيد العنصرة. في نفس المجمع جرى تأسيس سبعة أقاليم داخل ايطاليا و ستة في الخارج. وعند تأسيس اقليم ما وراء البحار أو اقليم سوريا، تدخل القديس فرنسيس شخصياً في تعيين الأخ ايليا بوانبورونيه من كورتونا كأول خادم لهذا الاقليم الجديد.

من المعتقد وصول اول الرهبان في خريف ذاك العام الى مدينة عكا بعدما مروا بكل من انطاكيا، طرابلس، صور و صيدا. شيدوا في عقاب الحقبة الصليبية الاديرة، و انتشروا ايضاً في كل من دمشق و حلب، وكذلك في الاردن في القرن الماضي، فضلاً عن الحضور الطبيعي في فلسطين، يافا، القدس، بيت لحم و الناصرة والاماكن الرئيسية المتعلقة بخلاصنا في الاراضي المقدسة.

يعتبر وصول القديس فرنسي الى الشرق سنة 1219 حدث تاريخي ذو اهمية كبرى، فبعد قرن ونيف من الحروب بين الجيوش المسيحية و المسلمة للسيطرة على الساحل السوري و الفلسطيني، فرنسيس كتابع حقيقي ليسوع الذي أعلن انجيل السلام للأصدقاء و الاعداء، قام بحركة ثورية دشَّن بها طريقة جديدة للتقارب و التعايش مع المسلمين، طريقة مبنية على الحوار، التسامح و المحبة المتبادلة.

ومع سقوط المدن الساحلية قدمت رهبنة الاخوة الاصاغر العديد من الشهداء: قطع رأس راهب في اسدوف سنة 1265 برفقة 2000 مسيحي تعرضوا هم ايضاً للاستشهاد. قطع رأس أربعة رهبان مع جميع فرسان الهيكل بعد السيطرة على قلعة صفد، وتدمير اثنين من الاديرة في انطاكيا سنة 1268. استشهاد ثمانية رهبان في طرابلس سنة 1289 مع اول شهيدة من الرهبنة الثانية (راهبات الكلاريس). وبعد سنتينوفي عام 1291 و في مدينة عكا قدم اربعة عشر راهباً فرنسيسكانياً و اربع و سبعون راهبةً من راهبات الكلاريس، قدم ه}لاء دمائهم كي يبقوا أمناء على الايمان بالرب يسوع.

بدا ان كل شيئ انتهى بالنسبة لمزارات الحج واقليم ما وراء البحار. لكن بذرة السلام التي ألقاها القديس فرنسيس خلال لقائه السلطان الملك الكامل الايوبي سنة 1219 في دمياط، والدماء الكثيرة التي سالت من الرهبان الشهداء قد بدأت تعطي ثمارها.

في سنة 1333 استطاع ملك و ملكة نابولي روبيرتو وسانشا، من الرهبنة الفرنسيسكانية الثالثة، واللذين تربيا على ايدي الفرنسيسكان، ان يشتروا بعد جهود مضنية وتكاليف باهظة: علية صهيون والقبر المقدس للرهبان الفرنسيسكان. لذلك تم تعيين 12 راهباً في القدس لرعاية المزارات و اربعة رهبان في نابولي لجمع التبرعات في مملكتي جزيرة صقلية، جنوب ايطاليا، لدعم المزارات.

هكذا تأسست بشكل رسمي حراسة الاراضي المقدسة، مدعومة بوثيقتين بابويتين و هكذا سمّي الفرنسيسكان بالصليبين المسالمين و نجحوا بطريقة سلمية بتخليص اغلب الماكن المقدسة.

في القرون اللاحقة تم تأسيس بيوت الضيافة للحجاج والمرافق الاجتماعية كالمدارس، دور الرعاية للمسنين و المشافي للمرضى.

في يومنا الحاضر حراسة الاراضي المقدسة تعمل في اليهودية، الجليل، سوريا، لبنان، الاردن، جزيرتي قبرص ورودوس، ايطاليا، بيونس أيرس وواشنطن. حوالي 300 راهباً قادمين من كافة انحاء العالم يهتمون ب 29 رعية منهم 10 في سوريا و لبنان و 14 من المدارس و الكليات.

في السنوات الاخيرة اصبح الوضع في سوريا حرجاً بسب الحرب الدائرة و التي اسفرت عن نزوح الملايين، لذلك تكاثفت جهود الرهبان في هذه المنطقة لبناء وترميم الاماكن و الاعتناء بالحجارة الحية على الصعيدين الجسدي و الروحي.

في الختام نستطيع القول ان الفرنسيسكان حاضرون في الشرق الاوسط منذ ثمانية عقود بشكل مستمر. هذا الحضور يأخذ قوته من الخدمة الأمينة لله، للكنيسة و للقريب.

حراسة الاراضي المقدسة، استقبال الحجاج، رعاية المسيحيين و الحوار مع الجميع كانت وما تزال السبب الذي من أجله يقدم الاخوة الأصاغر حياتهم بكل شغف بين يدي الرب متبعين
خطواته المطبوعة على الارض التي عاش فيها.